قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ أي كيف خلقهم ابتداء على أطوار مختلفة وطبائع متغايرة وأخلاق شتّى. فإن ترتيب النظر على السير في الأرض، مؤذن يتبع أحوال أصناف الخلق القاطنين في أقطارها ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ أي الخلق الآخر إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ أي بعد النشأة الثانية، وهم المنكرون لها وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وهم المؤمنون بها وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ أي بالتواري في الأرض، ولا بالتحصن في السماء التي هي أفسح منها، لو استطعتم الرقيّ فيها. أو القلاع الذاهبة فيها. فيكون المراد بالسماء ما ارتفع. وقيل: المعنى (ولا من في السماء) فحذف اسم الموصول وهو مبتدأ محذوف الخبر. والتقدير (ولا من في السماء بمعجزه) والجملة معطوفة على جملة (أنتم بمعجزين) وفيه تكلف وضعف صناعي وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أي يدافع عنكم ما يراد بكم وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم أشار تعالى إلى ما أجاب به قوم إبراهيم، بعد دعوته إياهم وعظاته البالغة، بقوله فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٢٥ الى ٢٩]