أولى.
وَإِذا قُلْتُمْ
أي: في حكومة أو شهادة ونحوهما فَاعْدِلُوا
أي: فيها. أي:
لا تقولوا إلا الحق وَلَوْ كانَ
أي: المقول له أو عليه ذا قُرْبى
أي: ذا قرابة منكم. فلا تميلوا في القول له أو عليه، إلى زيادة أو نقصان.
قال بعض الزيدية: معنى قوله تعالى: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
أي اصدقوا في مقالتكم. قال: وهذه اللفظة من الأمور العجيبة في عذوبة لفظها وقلة حروفها وجمعها لأمور كثيرة من الإقرار والشهادة والوصايا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والفتاوى والأحكام والمذاهب.
ثم إنه تعالى أكد ذلك، وبين أنه يلزم العدل في القول، ولو كان المقول له ذا قربى. كقوله تعالى: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. [النساء: ١٣٥] .
وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
أي: ما عهد إليكم من الأمور المعدودة، أو أيّ عهد كان. فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليّا. أو ما عاهدتم الله عليه من الأيمان والنذور ذلِكُمْ
إشارة إلى ما ذكر في هذه الآيات وَصَّاكُمْ بِهِ
أي أمركم بالعمل به في الكتاب لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
أي تتعظون. وفي قوله تعالى ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
تأكيد آخر. «١»
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٣]]
وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)
وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ يقرأ بفتح همزة (أن) والتشديد. ومحلها مع ما في حيزها الجرّ بحذف لام العلة. أي: ولأن هذا الذي وصيتكم به من الأر والنهي طريقي وديني الذي ارتضيته لعبادي قويما لا اعوجاج فيه، فاعملوا به. وجوز أن يكون محلها مع ما في حيزها النصب على (ما حرم) أي: وأتلو عليكم أن هذا صراطي. وقرئ بكسر الهمزة على الاستئناف. وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ يعني الأديان المختلفة أو طرق البدع والضلالات فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ أي: فتفرقكم عن
(١) أخرجه في المسند ١/ ٤٣٥ والحديث رقم ٤١٤٢.