إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً أي بموت أو طلاق أو فسخ نكاح. وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أي قضاؤه واقعا، ومنه تزويجك زينب ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ أي مأثم وضيق فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أي كتبه له من التزوج وأباحه له وسن شريعة مثلي في وقوعه سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أي الرسل عليهم السلام. وهو أن لا حرج عليهم في الإقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره. فإنه كان لهم الحرائر والسراري وتناول المباحات والطيبات وبهداهم القدوة وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً أي قضاء مقضيّا. أي لا حرج على أحد فيما أحل له. ثم وصف شأنهم بقوله الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ أي أحكامه وأوامره ونواهيه ويصدعون بها وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ أي لا يخافون قالة الناس ولائمتهم ولا يبالون بها في تشريعه ولا ريب أن سيّد الناس في هذا المقام، بل وفي كل مقام، حضرة نبينا صلى الله عليه وسلّم. كما علم من قيامه بالتبليغ بالقوة والفعل أبلغ قيام وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً أي حافظا لأعمال خلقه.
ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ هذا دفع لتعيير من جهل، فقال: تزوج محمد زوج ابنه زيد. فدفعه تعالى بأنه إنما يتصور لو كان صلى الله عليه وسلّم وسلم أبا لزيد على الحقيقة، لكنه ليس أبا لأحد من أصحابه، حتى يثبت بينه وبينه، ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصهر والنكاح، وزيد واحد منهم، الذين ليسوا بأولاده حقيقة.
فكان حكمه حكمهم. والادعاء والتبني من باب الاختصاص والتقريب لا غير وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ أي ولكن كان رسول الله مبلغا رسالاته وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ بفتح التاء وكسرها، قراءتان. أي فهذا نعته وهذه صفته. فليس هو في حكم الأب الحقيقيّ، وإنما ختمت النبوة به، لأنه شرع له من الشرائع ما ينطبق على مصالح الناس في كل زمان وكل مكان. لأن القرآن الكريم لم يدع أمّا من أمهات المصالح إلا جلّاها، ولا مكرمة من أصول الفضائل إلا أحياها. فتمت الرسالات برسالته إلى الناس أجمعين، وظهر مصداق ذلك بخيبة كل من ادعى النبوة بعده، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً أي فلا يقضي إلا بما سبق به علمه، ونفذت فيه مشيئته، واقتضته حكمته.