قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ أي دخلوا في الفوز الأعظم الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ أي متذللون مع خوف وسكون للجوارح، لاستيلاء الخشية والهيبة على قلوبهم وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. أي عن الفضول وما لا يعني من الأقوال والأفعال، معرضون في عامة أوقاتهم، لاستغراقهم بالجد وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ أي للتجرد عن رذيلة البخل.
قيل: السورة مكية، والزكاة إنما فرضت بالمدينة؟ وجوابه: إن الذي فرض بالمدينة إنما هو النصب والمقادير الخاصة. وإلا فأصل التفضل بالعفو مشروع في أوائل البعثة، فلا حاجة إلى دعوى إرادة زكاة النفوس من الشرك والعصيان، لعدم التبادر إليه وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ لأنه الحق المأذون فيه فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ أي الكاملون في العدوان المرتكبونه على أنفسهم.
[تنبيهات:]
الأول- دلت الآية على تعليق فلاح العبد على حفظ فرجه، وأنه لا سبيل له إلى الفلاح بدونه، وتضمنت هذه الآية ثلاثة أمور: من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين. وأنه من الملومين. ومن العادين. ففاته الفلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم. فمقاساة ألم الشهوة ومعاناتها، أيسر من بعض ذلك. وقد أمر الله تعالى نبيا أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم. وأن يعلمهم أنه مشاهد