اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة، ليبيّن فضله على سائر الأذكار، لأن معناه تنزيه ذاته، عمّا لا يجوز عليه من الصفات والأفعال. ومثال فضله على غيره من الأذكار، فضل وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي، والطهر من أرجاس المآثم، على سائر أوصافه، من كثرة الصلاة والصيام، والتوفر على الطاعات كلها. ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره، تكثير الطاعات والإقبال على العبادات. فإن كل طاعة وكل خير، من جملة الذكر. ثم خص من ذلك التسبيح بكرة وأصيلا. وهي الصلاة في جميع أوقاتها. لفضل الصلاة على غيرها. أو صلاة الفجر والعشاءين. لأن أداءها أشق ومراعاتها أشد. وقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من الأمرين. فإن صلاته تعالى عليهم. مع عدم استحقاقهم لها وغناه عن العالمين، مما يوجب عليهم المداومة على ما يستوجبه تعالى عليهم من ذكره تعالى وتسبيحه.
أفاده أبو السعود.
وقال ابن كثير: هذا تهييج إلى الذكر. أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم.
والصلاة: الرحمة والعطف. والمعنى: هو الذي يترحم عليكم ويترأف، حيث يدعوكم إلى الخير، ويأمركم بإكثار الذكر، والتوفر على الصلاة والطاعة لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ أي ظلمة الكفر والمعاصي والشبهات ومساوئ العادات إِلَى النُّورِ أي نور الإيمان والسنّة والطاعة ومحاسن الأخلاق وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً أي حيث لم يتركهم يتخبطون في عمياء الضلالة والجهالة، بل أنار لهم السبل وأوضح لهم المعالم. وذكر الملائكة تنويها بشأنهم وشأن المؤمنين. وأن للملأ الأعلى عناية وعطفا وترحما، بالاستغفار والدعاء والثناء على الجميل. كقوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا