يتوقف فيضه على الشفعاء. ومنها أنه فاعل بذاته لا يتوقف فعله على سبب وواسطة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٥٣ الى ٥٦]
قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦)
قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أي جنوا عليها بالإسراف في المعاصي والكفر لا تَقْنَطُوا قرئ بفتح النون وكسرها مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أي لا تيأسوا من مغفرته بفعل سبب يمحو أثر الإسراف إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً أي لمن تاب وآمن. فإن الإسلام يجبّ ما قبله إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ أي توبوا إليه وَأَسْلِمُوا لَهُ أي استسلموا وانقادوا له. وذلك بعبادته وحده وطاعته وحده، بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ أي قصرت فِي جَنْبِ اللَّهِ أي في جانب أمره ونهيه، إذ لم أتبع أحسن ما أنزل وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أي المستهزئين بمن يتبع الأحسن. وأَنْ تَقُولَ مفعول له بتقدير مضاف. أي: فتداركوا كراهة أن تقول. أو تعليل لفعل يدل عليه ما قبله. أي أنذركم وآمركم باتباع أحسن القول كراهة. وتفصيله في شروح (الكشاف) .