للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله «١»

(إنه آمن شعره وكفر قلبه)

يريد أن شعره كشعر المؤمنين، وذلك أنه يوحد الله في شعره، ويذكر دلائل توحيده) .

وقيل: نزلت في أبي عامر الراهب، الذي سماه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (الفاسق) ، كان يترهب في الجاهلية. فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام، وأمر المنافقين باتخاذ مسجد الضرار والشقاق، وأتى قيصر واستنجده على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمات هناك طريدا وحيدا.

وهو قول سعيد بن المسيّب.

وقيل نزلت في منافقي أهل الكتاب. كانوا يعرفون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنكروه. عن الحسن والأصم.

وقيل: إنه فرعون. والآيات آيات موسى، كأنه لما اقتص أنبياء بني إسرائيل عاد إلى قصة فرعون وضرب له المثل.

ومن الأقوال التي تناقلها المفسرون أنها نزلت في بلعام بن بعور، ويحكون عنه قصة لم ترو في جوامع الآثار الصحيحة عندنا، ولا هي مطابقة لما عند أهل الكتاب.

فقد ذكر نبؤه في الفصل الثاني والعشرين والثالث والعشرين من سفر العدد، من تاريخ التوراة، بغير ما يرويه المفسرون عنه. ثم رأيت الجشميّ لم يصحح ذلك، فحمدت المولى على الموافقة. وعبارته:

«وعن مجاهد قال: هو نبي يقال له بلعم. رشاه قومه فكفر. وهذا لا يجوز، لأن الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر. لأن ذلك ينفّر الخلق عن الأنبياء، والقبول منهم، ويحقرهم في النفوس، ولأنهم حجج الله على خلقه، اصطفاهم. فالأقرب أنه لا يصح عن مجاهد» - انتهى- وهو كذلك لأن من قرأ نبأه السفر المتقدم، رأى من ثباته، وعدم موافقته لبالاق، ملك موأب، على ما أراد منه- ما يبرئه عن ذلك.

[تنبيه:]

قال الجشمي: إن قيل: كيف تتصل الآية بما قبلها؟ قلنا: على القول بأنه عنى بها فرعون فقد اتصلت قصته بقصة بني إسرائيل. وقيل لما نهى عن تقليد الآباء في الدين، بيّن في هذه الآية حال علماء السوء، الذين يختارون الدنيا على الآخرة. نهيا عن تقليدهم واتباعهم، كما نهى عن تقليد الآباء. وقيل: لما تقدم ذكر أخذ الميثاق، بين حال من آتاه الله الآيات فانسلخ منها ولم يتبعها.


(١) أخرجه أبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف، والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس. قال المناوي: وسند الحديث ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>