الرسل، وإنزال الكتب، ومن غير أن يكونوا سليمي الحواس والمدارك، فإنه لعدله لا يفعل ذلك. وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالكفر والتكذيب وعدم استعمال حاساتهم ومداركهم فيما خلقت له.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ أي شيئا قليلا يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ أي يعرف بعضهم بعضا، كأنهم لم يتعارفوا إلّا قليلا قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ أي بالبعث بعد الموت وَما كانُوا مُهْتَدِينَ أي من الكفر والضلالة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يونس (١٠) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أي من العذاب أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ أي قبل ذلك فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ أي فننجزهم ما وعدناهم كيفما دار الحال ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ أي من مساوئ الأفعال.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ أي منهم، أرسل لهدايتهم، وتزكيتهم بما يصلحهم فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ أي فبلّغهم ما أرسل به فكذبوه قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ أي بالعدل فأنجي الرسول وأتباعه، وعذب مكذبوه وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ أي في ذلك القضاء المستوجب لتعذيبهم، لأنه من نتائج أعمالهم.
وقال القاشانيّ في قوله تعالى قُضِيَ بَيْنَهُمْ: أي بهداية من اهتدى منهم، وضلالة من ضل وسعادة من سعد، وشقاوة من شقي، لظهور ذلك بوجوده، وطاعة بعضهم إياه لقربه منه، وإنكار بعضهم له لبعده عنه. أو قضى بينهم بإنجاء من اهتدى به وإثابته، وإهلاك من ضل وتعذيبه، لظهور أسباب ذلك بوجوده- انتهى- فالآية على هذا كقوله تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: ١٥] ، وجوز أن يكون المعنى لكل أمة من الأمم يوم القيامة رسول تنسب