وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً أي ذوي عقبة يعقب كل منهما الآخر لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أي يتفكر فيستدل بذلك على عظم قدرته أَوْ أَرادَ شُكُوراً أي يشكر على النعمة فيهما، من السكون بالليل والتصرف بالنهار. ويكون فيهما بما يقتضيه ما خلقا له.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٣ الى ٦٤]
وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً أي هينين. أو مشيا هينا. أي بسكينة وتواضع. لا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون تبعا لهم أشرا وبطرا. وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أي إذا خاطبهم السفهاء بالقول السيء لم يقابلوهم بمثله، بل قالوا كلاما فيه سلام من الإيذاء والإثم. سواء كان بصيغة السلام كقولهم (سلام عليكم) ، أو غيرها مما فيه لطف في القول أو عفو أو صفح. كظم للغيظ.
دفعا بالتي هي أحسن وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً أي يكون لهم في الليل فضل صلاة وإنابة، كما قال تعالى: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات: ١٧- ١٨] ، وقوله تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [السجدة: ١٦] الآية، وقوله أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر: ٩] ، و (البيتوتة) لغة، الدخول في الليل. يقال: بات يفعل كذا يبيت ويبات، إذا فعله ليلا. وقد تستعار البيتوتة للكينونة مطلقا. إلا أن الحقيقة أولى، لكثرة ما ورد في معناها مما تلونا. ولذلك قال السلف: في الآية مدح قيام الليل والثناء على أهله.
وفي قوله لِرَبِّهِمْ إشارة إلى الإخلاص في أدائها وابتغاء وجهه الكريم. لما أن ذلك هو الذي يستتبع أثرها من العمل الصالح وفعل الخير وحفظ حدود الله وَقِياماً جمع قائم أو مصدر أجري مجراه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]