وأن إبطاله إبطال الشرائع. قال الدارميّ: وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته. وقد بسط نصوص السلف الحافظ الذهبيّ في كتاب (العلوّ) فانظره، هذا، ولما كان لذوي الهمم العوال، أشد التفات إلى ما يكون عليه خلفاؤهم من بعدهم من الأحوال، بشره تعالى في ذلك بما بشره فقال وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وكذا كان لم يزل من انتحل النصرانية فوق اليهود، ولا يزالون كذلك إلى أن يعدموا فلا يبقى منهم أحد ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ثم فسر الحكم الواقع بين الفريقين بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٥٦]]
وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ أي يبغضهم، فإن هذه الكناية فاشية في جميع اللغات، جارية مجرى الحقيقة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٥٨]]
ذلِكَ إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى عليه السلام وهو مبتدأ وخبره نَتْلُوهُ عَلَيْكَ أي من غير أن يكون لك اطلاع سابق عليه. وقوله تعالى مِنَ الْآياتِ حال من الضمير المنصوب أو خبر بعد خبر وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أي المشتمل على الحكم، أو المحكم المعصوم من تطرق الخلل إليه، والمراد به القرآن.
[تنبيه:]
في قوله: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ. وجوه في التأويل كثيرة، إلا أن الذي فتح المولى به مما أسلفناه هو أرجح التأويلات والله أعلم، وبه يسقط زعم النصارى أن هذه الآية حجة علينا، لإفادتها وفاته عليه السلام، أي بالصلب، ثم رفعه إلى السماء أعني قيامه حيّا بعد وفاته على زعمهم من أنه مات بجسده، وأقام على الصليب إلى وقت الغروب من يوم الجمعة، ثم أنزل ودفن في أول ساعة من ليلة السبت، وأقام في القبر