واستظهر أبو السعود: أن المعنى بالوعد هنا عذابهم الأخروي المتقدم في قوله تعالى: إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ إلخ [إبراهيم: ٢٢] ، ولا يخفى أن الوعد قد بين في مثل الآية الأخيرة والأوليين، في معناها. والبيان يرفع اللبس وإنما أوثر تقديم المفعول الثاني، أعني (وعده) ، على الأول وهو (رسله) للإيذان بالعناية به،. فإن الآية في سياق الإنذار والتهديد للظالمين بما توعدهم الله به على ألسنة الرسل. فالمهمّ في التهديد ذكر الوعيد. كذا في (الانتصاف) .
وفي (الكشف) تقديمه للاعتناء به وكونه المقصود بالإفادة. وما ذكره ممن وقع الوعد على لسانه، إنما ذكر بطريق التبع للإيضاح، والتفصيل بعد الإجمال. وهو من أسلوب الترقي كما في قوله: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه: ٢٥] . وإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أي غالب لا يماكر ذُو انتِقامٍ من أعدائه، نصرا لأوليائه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٨]]
يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وذلك أنه تسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوّى، فلا يرى فيها عوج ولا أمت. وتبدل السموات بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبوابا و (يوم) بدل من (يوم يأتيهم) أو ظرف للانتقام أو مقدر ب (اذكر) أو (لا يخلف وعده) .
وَبَرَزُوا أي الخلائق أو الظالمون من أجداثهم لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ أي لحسابه وجزائه.
قال أبو السعود: والتعرض للوصفين لتهويل الخطب وتربية المهابة وإظهار بطلان الشرك وتحقيق الانتقام في ذلك اليوم على تقدير كونه ظرفا له. وتحقيق إتيان العذاب الموعود على تقدير كونه بدلا من (يوم يأتيهم العذاب) فإن الأمر إذا كان لواحد غلّاب، كان في غاية الشدة والصعوبة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٤٩]]
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ جمع (مقرّن) وهو من جمع في قرن (بفتحتين) الوثاق الذي يربط به. أي قرن بعضهم مع بعض حسب اقترانهم في