اللفظ. وعليه قال الجبائيّ: كيف يتهيأ لهم هذه الأعمال وأجسامهم رقيقة لا يقدرون على عمل الثقيل؟ وإنما يمكنهم الوسوسة. وأجاب بأنه تعالى كثّف أجسامهم خاصة وقواهم، وزاد في عظمهم ليكون ذلك معجزا لسليمان عليه السلام.
والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]
أي اذكر أيوب وما أصابه من البلاء ودعاءه ربه في كشف ما نزل به، واستجابته تعالى دعاءه وما امتن به عليه في رفع البلاء. وما ضاعف له بعد صبره من النعماء، لتعلم أن النصر مع الصبر، وأن عاقبة العسر اليسر. وأن لك الأسوة بمثل هذا النبيّ الصبور، فيما ينزل أحيانا بك من ضرّ. وأن البلاء لم ينج منه الأنبياء. بل هم أشد الناس ابتلاء. كما
في الحديث «١»
(أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل) .
وإن من أسباب الفرج دعاءه تعالى والابتهال إليه والتضرع له، وذكره بأسمائه الحسنى وصفاته العليا. وإن البلاء لا يدل على الهوان والشقاء. فإن السعادة والشقاء في هذا العالم لا يترتبان على صالح الأعمال وسيئها. لأن الدنيا ليست دار جزاء. وإن عاقبة الصدق في الصبر، هي توفية الأجر ومضاعفة البر. وقد روي أن أيوب عليه السلام، لما امتحن بما فقد معه أرزاقه وهلك به جميع آل بيته، وبما لبث يعاني من قروح جسده آلاما، وصبر وشكر، رحمه مولاه فعادت له صحة بدنه وأوتي أضعاف ما فقده. ورزق عدة أولاد، وعاش عمرا طويلا أبصر أولاد أولاده إلى الجيل الرابع. ولذا قال تعالى: وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ أي تذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر، حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة. وبالجملة فالسر هو تثبيت قلوب المؤمنين
(١) أخرجه الترمذي في: الزهد، ٥٧- باب ما جاء في الصبر على البلاء، عن سعد.