على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فو الذي بعثك بالحقّ! لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوّنا غدا، إنّا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، لعلّ الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله
. القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢١٧]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قال الراغب: السائل عن ذلك، قيل:
أهل الشرك قصدا إلى تعيير المسلمين لما تجاوزوه من القتل في الشهر الحرام، وقيل: هم أهل الإسلام.
وقد أخرج الطبرانيّ في (الكبير) ، والبيهقيّ في (سننه) ، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن جندب بن عبد الله: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث رهطا، وبعث عليهم عبد الله ابن جحش، فلقوا ابن الحضرميّ فقتلوه ولم يدروا أنّ ذلك اليوم من رجب أو من جمادى. فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام. فأنزل الله هذه الآية.
فقال بعضهم: إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر، فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية [البقرة: ٢١٨] .
وأخرجه ابن مندة من الصحابة عن ابن عباس.
وملخّص ما ذكره الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) وابن هشام في (السيرة) في الكلام على هذه السرية ونزول هذه الآية: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث عبد الله بن جحش الأسديّ إلى نخلة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة في اثني عشر رجلا من المهاجرين، كلّ اثنين يعتقبان على بعير، فوصلوا إلى بطن نخلة يرصدون عيرا لقريش، وفي هذه السرية سمّي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثمّ ينظر فيه. فلما سار