بواسطة ملك عند ذلك تبشيرا له، بأنك ستخلص مما أنت فيه، وتحدثهم بما فعلوا بك.
وقوله: وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ إما متعلق ب (أوحينا) أي أوحينا إليه ذلك وهم لا يشعرون، إيناسا له، وإزالة للوحشة أو حال من الهاء في (لتنبئنهم) ، أي:
لتحدثنهم بذلك وهم لا يشعرون أنك يوسف، لعلوّ شأنك، كما سيأتي في قوله تعالى: فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ [يوسف: ٥٨] .
روي أنهم نزعوا قميص يوسف الموشى الذي عليه، وأخذوه، وطرحوه في البئر، وكانت فارغة لا ماء بها، وجلسوا بعد، يأكلون ويلهون إلى المساء.
وجواب (لما) في الآية محذوف، مثل فعلوا ما فعلوا، أو طرحوه فيها. وقيل:
الجواب (أوحينا) والواو الزائدة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٦]]
وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦)
وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ بيان لمكرهم بأبيهم بطريق الاعتذار الموهم موته القاطع عنه متمناه، لتنقطع محبته عنه، ولو بعد حين، فيرجع إليهم بالحب الكليّ.
وقدموا عشاء لكونه وقت الظلمة المانعة من احتشامه في الاعتذار الكذب، ومن تفرسه من وجوههم الكذب وأوهموا، ببكائهم وتفجعهم عليه، إفراط محبتهم له المانعة من الجرأة عليه. ثم نادوه باسم (الأب) المضاف إليهم ليرحمهم، فيترك غضبه عليهم، الداعي إلى تكذيبهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٧]]
قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧)
قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أي في العدو والرمي بالنصل وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا أي ما يتمتع به من الثياب والأزواد وغيرهما ليحفظه فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ أي كما حذرت.
وقوله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ تلطف عظيم في تقرير ما يحاولونه. يقولون: ونحن نعلم أنك لا تصدقنا في هذه الحالة، ولو كنا عندك صادقين،