للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتصغير، التنبيه على أن جميع ما يقع الابتلاء به من هذه البلايا بعض من كلّ، بالنسبة إلى مقدور الله تعالى. وإنه تعالى قادر على أن يكون ما يبلوهم به من ذلك أعظم مما يقع وأهول. وأنه مهما اندفع عنهم ممّا هو أعظم في المقدور فإنما يدفعه عنهم إلى ما هو أخف وأسهل، لطفا بهم ورحمة. ليكون هذا التنبيه باعثا لهم على الصبر، وحاملا على الاحتمال. والذي يرشد إلى أن هذا مراد، أنّ سبق التوعد بذلك لم يكن إلّا ليكونوا متوطنين على ذلك عند وقوعه. فيكون أيضا باعثا على تحمله.

لأن مفاجأة المكروه بغتة أصعب. والإنذار به قبل وقوعه مما يسهل موقعه. وحاصل ذلك لطف في القضاء ... فسبحان اللطيف بعباده. وإذا فكّر العاقل فيما يبتلى به من أنواع البلايا، وجد المندفع عنه منها أكثر، إلى ما لا يقف عند غاية. فنسأل الله العفو والعافية واللطف في المقدور ... انتهى.

وللزمخشريّ أن يجيب بأن آية وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ شاهدة له لا عليه. لأنه المقصود فيه أيضا بالنسبة إلى ما دفعه الله عنهم- كما صرح به الناصر- مع أنه لا يتم دفعه بالآية إلّا إذا كان وَنَقْصٍ معطوفا على مجرور (من) ، ولو عطف على (شيء) لكان مثل هذه الآية بلا فرق.. كذا في (العناية) .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أي: محرمون بحج أو عمرة.

قال المهايميّ: لأن قتله تجبّر. والمحرم في غاية التذلّل. انتهى.

وذكر القتل، دون الذبح والذكاة، للتعميم. أو للإيذان بكونه في حكم الميتة.

و (الصيد) ما يصاد مأكولا أو غيره. ولا يستثنى إلّا ما

ثبت في (الصحيحين) «١» عن


(١)
أخرجه البخاري في: جزاء الصيد، ٧- باب ما يقتل المحرم من الدواب، حديث ٩٢٦ ونصه: عن عائشة رضي الله عنها، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «خمس من الدواب، كلهن فاسق يقتلن في الحرم:
الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» .
وأخرجه مسلم في: الحج، حديث ٦٧ وفيه (الحية) عوضا عن العقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>