والعلم بالسنن التي لم تنزل بالكتاب وَالنُّبُوَّةَ أي جعلنا منهم أنبياء ورسلا إلى الخلق وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يعني المنّ والسلوى وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ أي عالمي أهل زمانهم، بإيتائهم ما لم يؤت غيرهم. كما قال تعالى:
وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ أي حججا وبراهين وأدلة قاطعات، تأبى الاختلاف، ولكن أبوا إلا الاختلاف فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ أي ظلما وتعديا منهم، لطلب الحظوظ العاجلة إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أي بالمؤاخذة والمجازاة. قال ابن كثير: وهذا فيه تحذير لهذه الأمة، أن تسلك مسلكهم. وأن تقصد منهجهم. ولهذا قال جلّ وعلا:
ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ أي على طريقة وسنة ومنهاج من أمر الدين، الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا فَاتَّبِعْها أي تلك الشريعة الثابتة بدلائل والحجج وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ
يعني المشركين وما هم عليه من الأهواء التي لا حجة عليها.
إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أي لن يدفعوا عنك من غضبه وعقابه شيئا ما، وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أي أعوان وأنصار على المؤمنين وأهل الطاعة. أو في التحزّب والتقوى. ولكن ماذا تغنيهم ولايتهم لبعضهم وقد تخلت عناية الله ونصرته عنهم؟ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ أي من اتقاه بعبادته وحده، وخشيته بكفايته من بغى عليه، وكاده بسوء. والأظهر تفسير الآية بآية اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا