الواو في الصفات. وآخرون على جوازها لتأكيد اللصوق، أي الجمع والاتصال. لأنها كما تجمع المعطوف بالمعطوف عليه، كذلك تجمع الموصوف بالصفة، وتفيد أن اتصافه به أمر ثابت، وقوله تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ أي: بذلك الحق لرفضهم التدبر فيه شقاقا وعنادا. وهذا كقوله تعالى وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: ١٠٣] .
يخبر تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه أنه الذي بقدرته رفع السموات، أي خلقهن مرتفعات عن الأرض ارتفاعا لا ينال ولا يدرك مداه! وقوله تعالى بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها أي أساطين. جمع عماد أو عمود. وقوله تعالى تَرَوْنَها إمّا استئناف للاستشهاد برؤيتهم السموات كذلك، كقول الشاعر:
أنا بلا سيف ولا رمح تراني
أو صفة ل (عمد) جيء بها إبهاما لأن لها عمدا غير مرئية، وإليه ذهب كثير من السلف، ورجّح ابن كثير الأول وأنها لا عمد لها، قال: وهذا هو اللائق بالسياق والظاهر من قوله تعالى وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الحج:
٦٥] ، والأكمل أيضا في القدرة! وقوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ تقدم تفسيره في سورة الأعراف، وأنه يمرّ كما جاء من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل. وقوله تعالى وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أي ذلّلهما لما أراد منهما من نفع العالم السفليّ. وقوله تعالى كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أي لغاية معينة ينقطع دونها سيره، وهو قيام الساعة، كقوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها [يس: ٣٨] وقد بيّن ذلك في قوله تعالى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير: ١] ، وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ [الانفطار: ٢] ، والاقتصار على الشمس والقمر، لأنهما أظهر الكواكب وأعظم من غيرهما فتسخير غيرهما يكون بطريق الأولى. وقد جاء التصريح بتسخيرهما مع غيرهما في قوله تعالى: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: ٥٤] ، وقوله تعالى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ أي: أمر العالم العلويّ والسفليّ ويصرّفه ويقضيه بمشيئته وحكمته على أكمل الأحوال. لا يشغله شأن عن شأن. وقوله تعالى يُفَصِّلُ الْآياتِ يعني: الآيات الدالة على وحدته وقدرته