[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٦]]
وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)
وَهذا أي: البيان الذي جاء به القرآن، أو طريق التوحيد، وإسلام الوجه إلى الله صِراطُ رَبِّكَ أي: طريقه الذي ارتضاه مُسْتَقِيماً لا ميل فيه إلى إفراط وتفريط في الاعتقادات والأخلاق والأعمال. أو لا اعوجاج فيه إلى النظر إلى الغير والشرك به.
قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ أي: المعارف والحقائق التي هي مركوزة في استعدادهم، فيهتدوا بها.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٧]]
لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)
لَهُمْ دارُ السَّلامِ أي: السلامة من المكاره، وهو الجنة، لكونهم في مقام القرب، عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ يتولاهم بمحبته، ويجعلهم في أمانه، بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي: بسبب أعمالهم الصالحة في سلوكهم صراطه.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٨]]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً أي: اذكر يا محمد فيما تقصه عليهم، وتنذرهم به، يوم تحشرهم جميعا، يعني: الجن وأولياءهم من الإنس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا، ويعوذون بهم، ويطيعونهم، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ أي: نقول: يا معشر الجن! يعني: الشياطين. قال المهايمي:
خصهم بالنداء لأنهم الأصل في المكر. قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ أي: من إغوائهم وإضلالهم. أو منهم، بأن جعلتموهم أتباعكم، وأهل طاعتكم، وتسويلكم وتزيينكم الحطام الدنيوية، واللذات الجسمانية عليهم، ووسوستكم لهم بالمعاصي، فحشروا معكم. وهذا بطريق التوبيخ والتقريع.