١٤] ، فمتى ترك الناس بعضهم ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا، فإن الجماعة رحمة، والفرقة عذاب، وجماع ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى:
١٠٢- ١٠٤] . فمن الأمر بالمعروف الأمر بالائتلاف والاجتماع والنهي عن الاختلاف والفرقة، ومن النهي عن المنكر إقامة الحدود على من خرج من شريعة الله تعالى. ثم قال: ويجب على أولي الأمر، وهم علماء كل طائفة وأمراؤها ومشايخها أن يقوّموا عامتهم ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، فيأمرونهم بما أمر الله به ورسوله، وينهونهم عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٠٦]]
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ أي تبيض وجوه كثيرة وهي وجوه المؤمنين لاتباعها الدين الحق الذي هو النور الساطع. وتسودّ وجوه كثيرة، وهي وجوه الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، لاتباعها الضلالات المظلمة، وليستدل بذلك على إيمانهم وكفرهم، فيجازي كل بمقتضى حاله، وهذه الآية لها نظائر، منها قوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ، أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر: ٦٠] ومنها قوله تعالى: وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ [يونس: ٢٦] . ومنها قوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ [عبس: ٣٨- ٤١] . ومنها قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ [القيامة:
٢٢- ٢٥] . ومنها تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين: ٢٤] . إلى غير ذلك. والمفسرين في هذا البياض والنضرة والغبرة والقترة وجهان:
أحدهما: أن البياض مجاز عن الفرح والسرور. والسواد عن الغم. وهذا مجاز مستعمل، قال تعالى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل: ٥٨] . ويقال: لفلان عندي يد بيضاء، أي جلية سارة.