للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يجوز اجتماعه مع ماء الزاني في رحم واحد، والمقصود أن الله سبحانه سمى الزواني والزناة خبيثين وخبيثات. وجنس هذا الفعل قد شرعت فيه الطهارة، وإن كان حلالا. وسمي فاعله جنبا لبعده عن قراءة القرآن وعن الصلاة وعن المساجد. فمنع من ذلك كله حتى يتطهر بالماء. فكذلك إذا كان حراما يبعد القلب عن الله تعالى وعن الدار الآخرة. بل يحول بينه وبين الإيمان، حتى يحدث طهرا. كاملا بالتوبة.

وطهرا لبدنه بالماء. وقول اللوطية أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ [الأعراف: ٨٢] ، من جنس قوله سبحانه في أصحاب الأخدود وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج: ٨] ، وقوله سبحانه: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ [المائدة: ٥٩] ، وهكذا المشرك إنما ينقم على الموحد تجريده للتوحيد، وأنه لا يشوبه بالإشراك، وهكذا المبتدع إنما ينقم على السنّي تجريده متابعة الرسول وأنه لم يشبها بآراء الرجال ولا بشيء مما خالفها، فصبر الموحد المتبع للرسول، على ما ينقمه عليه أهل الشرك والبدعة، خير له وأنفع، وأسهل عليه، من صبره على ما ينقمه الله ورسوله، عليه من موافقة أهل الشرك والبدعة.

إذا لم يكن بدّ من الصبر، فاصطبر ... على الحقّ. ذاك الصبر تحمد عقباه

[لطيفة:]

كتب ابن القاضي شرف الدين ابن المقري، صاحب (الروض) إلى أبيه، وقد قطع نفقته:

لا تقطعن عادة برّ، ولا ... تجعل عتاب المرء في رزقه

فإن أمر الإفك من مسطح ... يحط قدر النّجم من أفقه

وقد جرى منه الذي قد جرى ... وعوتب الصدّيق في حقّه

فأجابه أبوه شرف الدين بقوله:

قد يمنع المضطرّ من ميتة ... إذا عصى بالسّير في طرقه

لأنه يقوى على توبة ... توجب إيصالا إلى رزقه

لو لم يتب من ذنبه مسطح ... ما عوتب الصّديق في حقّه

ولما فصّل تعالى الزواجر عن الزنى، وعن رمي العفائف عنه. بيّن من الزواجر ما عسى

<<  <  ج: ص:  >  >>