للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكمة والمصلحة إرادة أن يتذكروا فيفلحوا. وقرئ (وصّلنا) بالتشديد والتخفيف الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ أي القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وهم مؤمنو أهل الكتاب وأولياؤهم وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ أي القرآن قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ أي من قبل نزوله مُسْلِمِينَ أي منقادين له، لما عندنا من المبشّرات به. أو على دين الإسلام، وهو إخلاص الوجه له تعالى بدون شرك أُولئِكَ أي الموصوفون بما ذكر من النعوت يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ يعني مرة على إيمانهم بكتابهم، ومرة على إيمانهم بالقرآن بِما صَبَرُوا أي بصبرهم وثباتهم على الإيمانين. أو على الإيمان بالقرآن قبل النزول وبعده. أو على أذى من نابذهم وَيَدْرَؤُنَ أي يدفعون بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي بالحكمة الطيبة، ما يسوؤهم وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أي للبؤساء والفقراء، وفي سبيل البرّ والخير، فرارا عن وصمة الشحّ، وتنبها لآفاته. وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أي من الجهال. وهو كل ما حقه أن يلغى ويترك، من العبث وغيره أَعْرَضُوا عَنْهُ أي تكريما للنفس عن ملابسة الأدنياء، وتشريفا للسمع عن سقط باطلهم وَقالُوا أي لهم لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ أي بطريق التوديع والمتاركة وعن الحسن رضي الله عنه: كلمة حلم من المؤمنين لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نريد مخالطتهم وصحبتهم، ولا نريد مجازاتهم بالباطل على باطلهم. قال الرازي: قال قوم: نسخ ذلك بالأمر بالقتال. وهو بعيد. لأن ترك المسافهة مندوب. وإن كان القتال واجبا.

[تنبيه:]

قال ابن كثير عن سعيد بن جبير: إنها نزلت في سبعين من القسيسين. بعثهم النجاشي. فلما قدموا النبيّ صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: ١- ٢] ، حتى ختمها. فجعلوا يبكون وأسلموا.

وقال محمد بن إسحاق في (السيرة) : ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النصارى، حين بلغهم خبره من الحبشة. فوجدوه في المسجد. فجلسوا إليه وكلّموه وسألوه. ورجال من قريش في أنديتهم. حول الكعبة. فلما فرغوا من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا، دعاهم إلى الله تعالى وتلا عليهم القرآن. فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع. ثم استجابوا لله وآمنوا به، وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره. فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش. فقالوا لهم: خيّبكم الله من ركب.

<<  <  ج: ص:  >  >>