ومساكنها الْأَنْهارُ يعني أنهار الماء واللبن والخمر والعسل خالِدِينَ فِيها أي:
مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ يعني المؤمنين الموحّدين المخلصين في إيمانهم.
[تنبيهات:]
الأول: اتفق المفسرون على أن هذه الآيات الأربع نزلت في النجاشي وأصحابه رضوان الله عليهم.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن وعروة ابن الزبير قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمريّ وكتب معه كتابا إلى النجاشيّ. فقدم على النجاشي. فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه وأرسل إلى الرهبان والقسّيسين. ثم أمر جعفر بن أبي طالب فقرأ عليهم سورة مريم. فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع. فهم الذين أنزل الله فيهم: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً..- إلى قوله- فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: بعث النجاشيّ ثلاثين رجلا من خيار أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقرأ عليهم سورة (يس) فبكوا، فنزلت فيهم الآية.
وأخرج النسائي عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآيات في النجاشيّ وأصحابه: وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ.
وروى الطبرانيّ عن ابن عباس نحوه، بأبسط منه.
- كذا في (أسباب النزول للسيوطيّ) - وقال ابن كثير: قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: نزلت هذه الآيات في النجاشيّ وأصحابه، الذين، حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن، بكوا حتى أخضبوا لحاهم.
قال ابن كثير: وهذا القول فيه نظر. لأن هذه الآية مدنية، وقصة جعفر مع النجاشيّ قبل الهجرة. انتهى.
أقول: إن نظره مدفوع، فإنه حكى في هذه الآية بعد الهجرة ما وقع قبلها، ونظائره في التنزيل كثيرة، ولا إشكال فيه.. وظاهر أنّ المقصود بهذه الآية التعريض بعناد اليهود الذين كانوا حول المدينة. وهم يهود بني قريظة والنضير. وبعناد