للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه

. قال النوويّ: روينا في موطأ مالك أنه سئل عمن سلم على اليهوديّ أو النصرانيّ هل يستقيله ذلك؟ فقال: لا. قال أبو سعد المتولي الشافعيّ: لو أراد تحية ذميّ، فعلها بغير السلام. بأن يقول: هداك الله أو أنعم الله صباحك. قال النوويّ. هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به. إذا احتاج إليه فيقول: صبحت بالخير أو بالسعادة أو بالعافية. أو صبحك الله بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك.

السادسة- قال الحسن البصريّ: السلام تطوع والرد فريضة. قال ابن كثير:

وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة: أن الرد واجب على من سلّم عليه. فيأثم إن لم يفعل لأنه خالف أمر الله في قوله: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها. انتهى. وفي ترك الرد إهانة وازدراء وهو حرام. ولذا ندب للجمع المسلم عليهم أن يجيبوا كلهم إظهارا للإكرام ومبالغة فيه. وإن كان الفرض يسقط ببعضهم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٨٧]]

اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (٨٧)

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ أي: ليبعثنكم من قبوركم ويحشرنكم إلى حساب يوم القيامة في صعيد واحد، فيجازي كل عامل بعمله. قال الزمخشريّ: القيامة والقيام كالطلابة والطلاب. وهي قيامهم من القبور أو قيامهم للحساب. قال الله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [المطففين: ٦] . لا رَيْبَ فِيهِ أي لا شك في يوم القيامة أو في الجمع وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً إنكار لأن يكون أحد أصدق منه تعالى في حديثه وخبره ووعده ووعيده، وبيان لاستحالته.

لأنه نقص وقبيح. إذ من كذب، لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يجر منفعة بكذبه أو يدفع مضرة، أو هو جاهل بقبحه، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره، ولا يبالي بأيهما نطق. فظهر استحالة الكذب عليه جل شأنه. والغير، وإن دلت الدلائل على صدقه، فكذبه ممكن إذا لم ينظر إليها.

[فوائد:]

الأولى- قال الرازيّ: في كيفية النظم وجهان: أحدهما إنا بينا أن المقصود من قوله: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها، أن لا يصير الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>