للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأثورة (سبحان الله وبحمده) . وعليه فسرّ تخصيص هذه الأوقات الإشارة إلى الدوام، مع أن لبعض الأوقات مزية يفضل بها غيرها.

الثاني- أنه الصلاة وهو الأقرب لآية وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:

٤٥] ، والآيات يفسر بعضها بعضا. والمعنى: صلّ وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه، قبل طلوع الشمس، يعني صلاة الفجر. وقبل غروبها، يعني صلاة الظهر والعصر، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار، بين زوال الشمس وغروبها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ أي من ساعاته، يعني المغرب والعشاء. وإنما قدم الوقت فيهما، لاختصاصهما بمزيد الفضل. وذلك لأن أفضل الذكر ما كان بالليل لاجتماع القلب وهدوء الرّجل والخلوّ بالرب تعالى. ولأن الليل وقت السكون والراحة، فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أفضل عند الله وأقرب.

قوله تعالى: وَأَطْرافَ النَّهارِ تكرير لصلاة الفجر والمغرب، إيذانا باختصاصهما بمزيد مزية. ومجيئه بلفظ الجمع لأمن الإلباس، والمرجح مشاكلته ل آناءِ اللَّيْلِ أو أمر بصلاة الظهر. فإنه نهاية النصف الأول من النهار، وبداية النصف الأخير. وجمعه باعتبار النصفين. أو لأن النهار جنس فيشمل كل نهار، أو أمر بالتطوع في أجزاء النهار.

وقال الرازي: إنما أمر، عقيب الصبر، بالتسبيح، لأن ذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة. إذ لا راحة للمؤمنين دون لقاء الله تعالى. قلت: وقد أشير إلى حكمة الأمر بالصبر والتسبيح بقوله تعالى: لَعَلَّكَ تَرْضى أي رجاء أن تنال ما به ترضى نفسك، من رفع ذكرك. ونقهرك على عدوك وبلوغ أمنيتك من ظهور توحيد ربك وهذا كقوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء: ٧٩] ، وقوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: ٥] .

ثم أشار تعالى إلى أن ما متع به الكفار من الزخارف، إنما هو فتنة لهم فلا ينبغي الرغبة فيه، وإن ما أويته أجل وأسمى، بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : آية ١٣١]]

وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١)

وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أي أصنافا من الكفرة زَهْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>