[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٧٧]]
حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧)
حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ يعني ما نزل بهم من القتال والقتل يوم بدر، أو باب المجاعة والضر، وهو ما روي عن مجاهد واختاره ابن جرير إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي حزنى نادمون على ما سلف منهم، في تكذيبهم بآيات الله، في حين لا ينفعهم الندم والحزن. ثم أشار تعالى إلى قدرته على البعث بآياته المبصرة في الأنفس والآفاق، فقال سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٧٨]]
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٧٨)
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ أي لتسمعوا وتبصروا وتفقهوا قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي نعمة الله في ذلك، بصرفها لما خلقت له. وهو أن يدرك.
وفي كل شيء له آية ... تدلّ على أنّه الواحد
والقلة في الآية هذه ونظائرها، بمعنى النفي، في أسلوب التنزيل الكريم. لأن الخطاب للمشركين.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٧٩ الى ٨١]
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (٨١)
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أي خلقكم وبثكم بالتناسل فيها وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي تجمعون يوم القيامة، بعد تفرقكم إلى موقف الحساب وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي أي خلقه، أي يجعلهم أحياء، بعد أن كانوا نطفا أمواتا، ينفخ الروح فيها، بعد الأطوار التي تأتي عليها وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي بالطول والقصر.
فهو متوليه ولا يقدر على تصريفهما غيره أَفَلا تَعْقِلُونَ أي: إن من أنشأ ذلك ابتداء من غير أصل، لا يمتنع عليه إحياء الأموات بعد فنائهم. ثم بين تعالى أنهم لم يعتبروا بآياته، ولا تدبروا ما احتج عليهم من الحجج الدالة على قدرته على فعل كل ما يشاء، بقوله: بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ أي من الأمم المكذبة رسلها.