سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه ... فما إن يكاد قرنه يتنفّس
رابعها- أن المعنى أكاد أخفيها فلا أذكرها إجمالا ولا أقول هي آتية. وذلك لفرط إرادته تعالى إخفاءها. إلا أن في إجمال ذكرها حكمة، وهي اللطف بالمؤمنين، لحثهم على الأعمال الصالحة، وقطع أعذار غيرهم حتى لا يعتذروا بعدم العلم. وثمة وجوه أخر لا تخلو من تكلف، وإن اتسع اللفظ لها. وقوله تعالى:
فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها أي عن تصديق الساعة مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ أي ما تهواه نفسه من الشهوات وترك النظر والاستدلال. فَتَرْدى أي فتهلك.
قال الزمخشريّ: يعني أن من لا يؤمن بالآخرة هم الجم الغفير. إذ لا شيء أطمّ على الكفرة، ولا هم أشد له نكيرا من البعث. فلا يهولنك وفور دهمائهم، ولا عظم سوادهم. ولا تجعل الكثرة مزلة قدمك. واعلم أنهم، وإن كثروا تلك الكثرة، فقدوتهم فيما هم فيه هو الهوى واتباعه. لا البرهان وتدابره. وفي هذا حث عظيم على العلم بالدليل، وزجر بليغ عن التقليد، وإنذار بأن الهلاك والردى مع التقليد وأهله. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]
وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى شروع فيما سيؤتيه تعالى من البرهان الباهر. وفي الاستفهام إيقاظ له وتنبيه على ما سيبدو له من عجائب الصنع قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها أي أعتمد عليها إذا أعييت أو وقفت على رأس القطيع وعند الطفرة وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي أي أخبط بها الورق وأسقطه عليها لتأكله وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى أي حاجات أخر.