سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أي نزه ربك عما يصفه به المشركون من الولد والشريك ونحوهما، كقوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصافات:
١٨٠] ، فالاسم صلة. وسرّ إيراده أن المنوه به إذا كان في غاية العظمة، كثيرا ما تضاف ألفاظ التفخيم إلى اسمه، فيقال: سبح اسمه ومجد ذكره. كما يقال سلام على المجلس العالي. هذا ما ذكروه. وثمة وجه آخر وهو أن الحق تعالى إنما يعرف بأسمائه الحسنى، لاستحالة اكتناه ذاته العلية، فأقحم تنبيها على ذلك. ومما يؤيده ما ذكر من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرءوا ذلك قالوا:
سبحان ربي الأعلى، كما رواه ابن جرير وغيره.
وذهب بعضهم إلى أن المراد تنزيه اسم الله وتقديسه أن يسمى به شيء سواه، كما كان يفعل المشركون من تسميتهم آلهتهم، بعضها اللات وبعضها العزى، حكاه ابن جرير فالإسناد على ظاهره، وهذا ما اعتمده الإمام ابن حزم في (الفصل) حيث رد على من استدل بهذه الآية في أن الاسم عين المسمى، ذهابا إلى أن من الممتنع أن يأمر الله عزّ وجلّ بأن يسبح غيره. فقال ابن حزم رحمه الله:
وأما قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فهو على ظاهره دون تأويل لأن التسبيح في اللغة التي بها نزل القرآن وبها خاطبنا الله عزّ وجلّ، هو تنزيه الشيء عن السوء. وبلا شك أن الله تعالى أمرنا أن ننزه اسمه، الذي هو كلمة مجموعة من حروف الهجاء، عن كل سوء حيث كان من كتاب أو منطوقا به، ووجه آخر وهو أن معنى قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ومعنى قوله تعالى: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة: ٩٥- ٩٦] ، معنى واحد. وهو أن يسبح