قال في (الإكليل) : قال مكيّ: في هذه الآيات دلالة على جواز محاجة الكفار والمبطلين، وإقامة الحجة وإظهار الباطل من قولهم ومذهبهم، ووجوب النظر في الحجج على من خالف في دين الله.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٠ الى ٩٤]
بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي في دعواهم أن له ولدا ومعه شريكا مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ، إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ لأنه يجب أن يتخالفا بالذات، وإلا لما تصوّر العدد- والمتخالفان بالذات يجب أن يتخالفا في الأفعال فيذهب كل بما خلقه، ويستبد به، ويظهر بينهم التحارب والتغالب، فيفسد نظام الكون، كما تقدم بيانه في آية لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] ، سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ أي من العذاب. أي إن كان لا بد من أن تريني. لأن (ما) و (النون) للتأكيد رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي نجني من عذابهم. وفيه إيذان بكمال فظاعة ما وعدوه من العذاب، وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يمكن أن يحيق به. وردّ لإنكارهم إياه واستعجالهم به، استهزاء. وتكرير النداء، لإظهار زيادة الابتهال.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٩٥ الى ١٠٠]
وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ أي من العذاب لَقادِرُونَ أي: وإنما نؤخره لحكمة بلوغ الكتاب أجله ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي بالخلة التي هي أحسن