للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن جرير: لا كما زعموا من أن إسرئيل هو الذي حرّمه على نفسه.

قال أبو السعود: ولقد ألقمهم الحجر قوله تعالى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ، قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [آل عمران: ٩٣] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٧]]

فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)

فَإِنْ كَذَّبُوكَ الضمير إمّا لليهود لأنهم أقرب ذكرا، ولذكر المشركين بعد ذلك بعنوان الإشراك وإمّا للمشركين، وإما للفريقين. أي: فإن كذبتك اليهود في التخصيص وزعموا أن تحريم الله لا ينسخ، وأصرّوا على ادعاء قدم التحريم أو المشركون فيما فصل من أحكام التحليل والتحريم، أو هما فيما ادّعيا فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ يمهلكم على التكذيب فلا تغتروا بإمهاله فإنه لا يهمل وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أي: ومع رحمته فهو ذو بأس شديد. وفيه ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة، وذلك في اتباع رضوانه، وترهيب من المخالفة.

وليعلم أن المشركين لما لزمتهم الحجة- ببطلان ما كانوا عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرمه الله- أخبر تعالى عنهم بما سيقولونه من شبهة يتشبثون بها لشركهم وتحريم ما حرّموا. وفائدة الإخبار بما سوف يقولونه، توطين النفس على الجواب، ومكافحتهم بالردّ، وإعداد الحجة قبل أوانها، فقال تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٨]]

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨)

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يعني مشركي قريش والعرب لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ يعني ما حرموه من البحائر والسوائب وغيرهما كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا أي: حتى أنزلنا عليهم العذاب قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا أي: أمر معلوم يصحّ الاحتجاج به فيما قلتم فتظهروه لنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي: فيما أنتم عليه من الشرك وتحريم ما حرّمتم وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ تكذبون.

<<  <  ج: ص:  >  >>