يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ أي يخمدوا حجته الدالة على وحدانيته، وتقدسه عن الولد، أو القرآن، أو نبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ أي بإعلاء التوحيد، وإعزاز الإسلام وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ أي بدلائل التوحيد، ذلك. قال أهل المعاني: نور الله استعارة أصلية تصريحية لحجته أو ما بعدها، لتشبيه كل منها بالنور في الظهر. والإطفاء ترشيح، أو هو استعارة تمثيلية، شبه حالهم في محاولتهم إبطال النبوة بالتكذيب، بحال من يطلب إطفاء نور عظيم، منبث في الآفاق، يريد الله أن يزيده بنفخه.
[لطائف:]
الأولى- قال الشهاب: روعي في كل من المشبه والمشبه به الإفراط والتفريط، حيث شبه الإبطال بالإطفاء بالفم، ونسب النور إلى الله. ومن شأن النور المضاف إليه أن يكون عظيما، فكيف يطفأ بنفخ الفم، مع ما بين الكفر الذي هو ستر وإزالة للظهور، والإطفاء من المناسبة.
الثانية- لا يخفى أن قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يُتِمَّ استثناء مفرغ، وهو في محل نصب مفعول به، والاستثناء المفرغ يكون في الفعل المنفي لا الموجب، إلا أن يستقيم المعنى. وهنا صح التفريغ من الموجب وهو وَيَأْبَى اللَّهُ لأنه نفى في المعنى، لأنه وقع في مقابلة يُرِيدُونَ وفيه من المبالغة والدلالة على الامتناع ما ليس في نفي الإرادة، أي لا يريد شيئا من الأشياء إلا إتمام نوره، فيندرج في المستثنى منه بقاؤه على ما كان عليه، فضلا عن الإطفاء- أفاده أبو السعود- وقال الزجاج: المستثنى منه محذوف تقديره (ويكره الله كل شيء إلا إتمام نوره) .
قال الشهاب: فالمعنى على العموم المصحح للتفريغ، عنده، فللناس في توجيه التفريغ هنا مسلكان. والحاصل أنه إن أريد كل شيء يتعلق بنوره بقرينة السياق، صح إرادة العموم، ووقوع التفريغ في الثابتات، كما ذهب إليه الزجاج، إذ ما من عامّ إلا وقد خصّص، فكل عموم نسبي، لكنه يكتفي به، ويسمى عموما. ألا ترى