قال الرازيّ: استدل الأحكاميون من المنجمين بهذه الآية على أن بعض الأيام قد يكون نحسا وبعضها قد يكون سعدا. لأن النحس يقابله السعد، والكدر يقابله الصافي. ثم أطال الرازيّ في الجواب والإيراد. ولا يخفى أن السعد والنحس إنما هو أمر إضافيّ لا ذاتيّ. وإلا لكان اليوم الذي يراه المنجمون نحسا، مشؤوم الطالع على كل ما أشرقت عليه الشمس. وكذا ما يرونه سعدا. والواقع بخلاف ذلك. إذ اليوم النحس عند زيد، قد يكون سعدا عند بكر. بل الساعة بل الدقيقة. فأين تلك الدعوى؟ والقرآن أتى على أسلوب العرب البديع. ومن لطائفهم تسمية وقت الشدّة والبؤس بالنحس، ومقابلها بالسعد. فالنحس نحس على صاحبه. والسعد سعد على صاحبه.
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ أي بيّنّا لهم سبيل الحق وطريق الرشد. ونهيناهم أن يتبعوا الضلالة. وأمرناهم أن يقتفوا الهدى فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أي من الآثام، بكفرهم بالله.
وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يوم يجمع، لمزيد الفضيحة، بين الأولين والآخرين، أعداء الله المشركون والجاحدون، إلى النار فيجيء أولهم على آخرهم، ليتم إلزام الحجة عليهم بين جميعهم، فلا يبقى لهم مقال لهم لأنهم لا يزالون يجادلون عن أنفسهم.