للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «١»

(لمن قال له من أبرّ؟) : أمك ثم أمك ثم أمك. ثم قال بعد ذلك: ثم أباك

. وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه بنفسه.

أحمل أمّي وهي الحمّاله ... ترضعني الدّرّة والعلالة

ولا يجازى والد فعاله الثاني- قال الحافظ ابن كثير: وقوله تعالى وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ كقوله وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [البقرة: ٢٣٣] ، ومن هاهنا استنبط ابن عباس وغيره من الأئمة، أن أقل مدة الحمل ستة أشهر. لأنه قال في الآية الأخرى وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف: ١٥] ، وإنما يذكر تعالى تربية الوالدة وتعبها ومشقتها في سهرها ليلا ونهارا، ليذكّر الولد بإحسانها المتقدم إليه. كما قال تعالى وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً [الإسراء: ٢٤] .

الثالث- قال الزمخشريّ: فإن قلت: ما معنى توقيت الفصال بالعامين؟ قلت:

المعنى في توقيته بهذه المدة، أنها الغاية التي لا تتجاوز. والأمر فيما دون العامين موكول إلى اجتهاد الأم، إن علمت أنه يقوى على الفطام، فلها أن تفطمه. ويدل عليه قوله تعالى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [البقرة: ٢٣٣] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة لقمان (٣١) : آية ١٥]]

وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)

وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما أي في إشراك ما لا تعلمه مستحقا للعبادة، تقليدا لهما.

وقال الزمخشريّ: أراد بنفي العلم به نفيه، أي لا تشرك بي ما ليس بشيء، يريد الأصنام.


(١) أخرجه البخاري في: الأدب، ٢- باب من أحق الناس بحسن الصحبة، حديث رقم ٢٣٠٩، عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>