للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمى. فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فخذه على فخذي، فثقلت عليّ حتى خفت أن ترضّ فخذي. ثم سرّى عنه فأنزل الله: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وقوله تعالى بِأَمْوالِهِمْ أي: التي ينفقونها على أنفسهم في الجهاد أو على مجاهد آخر وَأَنْفُسِهِمْ أي: التي هي أعز عليهم من كل شيء. وإن أنفق عليهم غيرهم إذا لم يكن عندهم مال.

قال أبو السعود: وإيرادهم، يعني الغزاة، بعنوان المجاهدين، دون الخروج المقابل لوصف المعطوف عليه، كما وقع في عبارة ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا تقييد المجاهدة بكونها في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، - لمدحهم بذلك والإشعار بعلة استحقاقهم لعلوّ المرتبة، مع ما فيه من حسن موقع السبيل في مقابلة القعود. انتهى.

وظاهر أن نفي المساواة يستلزم التفضيل. إلا أنه للاعتناء به، وليتمكن أشد تمكن، لم يكتف بما فهم ضمنا، بل صرح به فقال فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ.

لأنهم رجحوا جانبه بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ أي: غير أولي الضرر دَرَجَةً في القرب ممن رجحوا جانبه وَكُلًّا أي: كل واحد من القاعدين والمجاهدين وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أي: المثوبة الحسنى، وهي الجنة، لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم. والجملة اعتراض جيء به تداركا لما عسى يوهمه تفضيل أحد الفريقين على الآخر من حرمان المفضول وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بالجهاد عَلَى الْقاعِدِينَ أي بغير عذر أَجْراً عَظِيماً. أي: ثوابا وافرا في الجنة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٩٦]]

دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)

دَرَجاتٍ مِنْهُ بدل من (أجرا) بدل الكل. مبيّن لكمية التفضيل و (منه) متعلق بمحذوف وقع صفة ل (درجات) دالة على فخامتها وجلالة قدرها. قاله أبو السعود.

وقد ثبت في الصحيحين «١» عن أبي سعيد الخدريّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن


(١)
الحديث ليس لأبي سعيد وإنما هو لأبي هريرة. وهو من ضمن حديث طويل أخرجه البخاريّ في:
الجهاد، ٤- باب درجات المجاهدين في سبيل الله، حديث ١٣٣٥ وهذا نصه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان

<<  <  ج: ص:  >  >>