ولوط وشعيب، أو الأمم المحكية من بعد هلاكهم مُوسى بِآياتِنا وهي العصا، واليد البيضاء، والسنون، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، حسبما يأتي مفصلا إِلى فِرْعَوْنَ وهو ملك مصر في عهد موسى وَمَلَائِهِ أي قومه فَظَلَمُوا بِها أي كفروا بها. أجرى الظلم مجرى الكفر في تعديته بالباء، وإن كان يتعدى بنفسه، لأنهما من واد واحد. إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: ١٣] . أو هو بمعنى الكفر مجازا أو تضمينا، أي: كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه، وهو موضع الإيمان، لأنه أوتي الآيات لتكون موجبة للإيمان بما جاء به. فعكسوا، حيث كفروا فوضعوا الشيء في غير موضعه، أو الباء سببية، ومفعوله محذوف، أي ظلموا أنفسهم بسببها، بأن عرضوها للعذاب الخالد. أو ظلموا الناس لصدّهم عن الإيمان بها، والمراد به الاستمرار على الكفر بها إلى أن لقوا من العذاب ما لقوا، كما يشير له قوله تعالى: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أي لعقائد الخلق، أفسد الله عليهم ملكهم، وآتاه أعداءهم، فأغرقهم عن آخرهم، وبمرأى من موسى وقومه.
حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أي جدير بذلك وحري به، لما علمت من حالي. والباء و (على) يتعاقبان. يقال: رميت بالقوس وعلى القوس. وجاء على حال حسنة وبحال حسنة. وقرأ أبيّ رضي الله عنه (حقيق بأن لا أقول) قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أي آية منه تشهد على صدقي فيما جئتكم به بالضرورة فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ روي أنه تعالى أمره أن يأتي فرعون ويقول له: إن إلهنا أمرنا أن نسير ثلاثة أيام في البرّية، ونقرّب له قرابين ونعبده. وقد علم تعالى أن فرعون لا يدعهم يمضون، ولكن ليظهر آياته على يد موسى، ويهلك عدوّه. فلما