إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى أي اختار بالنبوة آدَمَ فخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة وَاصطفى نُوحاً فجعله أول رسول إلى أهل الأرض، لما عبد الناس الأوثان وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ونجى من اتبعه في السفينة وأغرق من عصاه وَاصطفى آلَ إِبْراهِيمَ أي عشيرته وذوي قرباه، وهم إسماعيل وإسحاق والأنبياء من أولادهما الذين من جملتهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وأما اصطفاء نفسه عليه الصلاة والسلام فمفهوم من اصطفائهم بطريق الأولوية. وعدم التصريح به للإيذان بالغنى عنه لكمال شهرة أمره في الخلة، وكونه إمام الأنبياء وقدوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكون اصطفاء آله بدعوته بقوله: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ [البقرة: ١٢٩] ، - الآية- ولذلك
قال عليه الصلاة والسلام: أنا دعوة أبي إبراهيم
وَاصطفى آلَ عِمْرانَ إذ جعل فيهم عيسى عليه الصلاة والسلام الذي أوتي البينات وأيد بروح القدس، والمراد بعمران هذا والد مريم أم عيسى عليهما السلام عَلَى الْعالَمِينَ أي عالمي زمانهم. أي اصطفى كل واحد منهم على عالمي زمانه. قال السيوطيّ في (الإكليل) : يستدل بهذه الآية على تفضيل الأنبياء على الملائكة لدخولهم في العالمين.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٣٤]]