للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يصح عمل ما بدون الصدق أصلا. وبه يصلح كل عمل وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أي ويجعلها مكفرة باستقامتكم في القول والعمل. فإن الحسنات يذهبن السيئات وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي في الأوامر والنواهي التي من جملتها هذه التشريعات فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً أي في الدارين.

وقال القاشانيّ: أي فاز بالتحلية والاتّصاف بالصفات الإلهية، وهو الفوز العظيم.

تنبيه:

قال الزمخشريّ: المراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب من غير قصد وعدل في القول. والبعث على أن يسدّ قولهم في كل باب. لأن حفظ اللسان وسداد القول رأس الخير كله. وهذا الآية مقررة للتي قبلها. بنيت تلك على النهي عما يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذه على الأمر باتقاء الله تعالى في حفظ اللسان، ليترادف عليهم النهي والأمر، مع إتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السلام. وإتباع الأمر الوعد البليغ، فيقوى الصارف عن الأذى والداعي إلى تركه. انتهى.

ولك أن تضم إلى المراد من الآية الذي ذكره، مرادا آخر. وهو نهيهم أيضا عما خاض فيه المنافقون من التعويق والتثبيط وبث الأراجيف في غزوة الأحزاب، المتقدمة أوائل السورة وبالجملة، فالسياق يشمل ذينك وغيرهما. إلا أن الذي يراعى أولا، هو ما كان التنزيل لأجله، وذلك ما ذكر.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٧٢]]

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢)

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا قال أبو السعود: لما بيّن عظم شأن طاعة الله ورسوله، ببيان مآل الخارجين عنها من العذاب الأليم، ومثال المراعين لها من الفوز العظيم عقب ذلك ببيان عظم شأن ما يوجبها من التكاليف الشرعية وصعوبة أمرها بطريق التمثيل- مع الإيذان بأن ما صدر عنهم من الطاعة وتركها، صدر عنهم بعد القبول والالتزام. وعبر عنها ب (الأمانة) تنبيها على أنها حقوق مرعية أودعها الله تعالى المكلفين، وائتمنهم عليها. وأوجب عليهم تلقّيها بحسن الطاعة والانقياد.

<<  <  ج: ص:  >  >>