للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ أي بإيجاب ولا سلب فَراغَ عَلَيْهِمْ أي هجم عليهم ضَرْباً بِالْيَمِينِ أي التي هي أقوى الباطشتين، فكسرها. فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ أي إلى إبراهيم بعد ما رجعوا يَزِفُّونَ أي يسرعون لمعاتبته على ما صدر منه. فأخذ عليه السلام يبرهن لهم على فساد عبادتهم قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ أي من الأصنام وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ أي وما تعملونه من الأصنام المنوعة الأشكال، المختلفة المقادير. ولما قامت عليهم الحجة، عدلوا إلى أخذه باليد والقهر.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٩٧ الى ٩٨]

قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)

قالُوا ابْنُوا لَهُ أي لإحراقه بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ أي الأذلّين بإبطال كيدهم. جعل النار عليه بردا وسلاما.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : آية ٩٩]]

وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩)

وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ أي مهاجر إلى بلد أعبد فيه ربي، وأعصم فيه ديني. قال الرازي: فيه دليل على أن الموضع الذي تكثر فيه الأعداء، تجب مهاجرته. وذلك لأن إبراهيم عليه السلام، مع ما خصه تعالى به من أعظم أنواع النصرة، لما أحسّ من قومه العداوة الشديدة، هاجر. فلأن يجب على غيره. بالأولى.

وقوله: سَيَهْدِينِ أي إلى ما فيه صلاح ديني، أو إلى مقصدي. وإنما بتّ القول لسبق وعده تعالى. إذ تكفل بهدايته. أو لأن من كان مع الله كان الله معه «١» (احفظ الله يحفظك) .

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٠٠ الى ١٠١]

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١)

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ أي ولدا صالحا يعينني على الدعوة والطاعة فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ أي متسع الصدر حسن الصبر والإغضاء في كل أمر، والحلم رأس الصلاح وأصل الفضائل.


(١) أخرجه الترمذي في: القيامة، ٥٩- باب حدثنا بشر بن هلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>