سحر، فجنّ فاختلط كلامه انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ أي مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون فَضَلُّوا أي عن الحق والهداية بك فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا أي فلا يهتدون لطريق الحق لضلالهم عنه وبعدهم منه. وأن الله قد خذلهم عن إصابته.
أو المعنى فلا يستطيعون سبيلا إلى طعن يمكن أن يقبله أحد، بل يخبطون بما لا يرتاب في بطلانه أحد. كالمتحير في أمره لا يدري ماذا يصنع.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٩ الى ٥٢]
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً وهو ما بلي وتفتّت أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً، قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً، أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ أي يعظم في نفوسكم عن قبول الحياة ويعظم في زعمكم على الخالق إحياؤه. فإنه يحييكم ولا يعجزه بعثكم.
فكيف، إذا كنتم عظاما مرفوتة وقد كانت موصوفة بالحياة قبل، والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد فَسَيَقُولُونَ أي بعد لزوم الحجة عليهم مَنْ يُعِيدُنا، قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ أي يحركونها برفع وخفض، تعجبا واستهزاء وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ أي ما ذكرته من الإعادة قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً، يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ أي يوم يبعثكم فتنبعثون. قال القاضي: استعار لهما الدعاء والاستجابة. للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما. وإن المقصود منهما الإحضار للمحاسبة والجزاء. انتهى.
وقيل: إنهما حقيقة كما في آية: يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ [ق:
٤١] ، وفي قوله: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ وجوه للمعربين. ككونه بدلا من (قريبا) على أنه ظرف. أو منصوب ب (يكون) أو بمقدر ك (اذكر) أو (تبعثون) وقوله تعالى:
بِحَمْدِهِ أي وله الحمد على ما أحضركم للجزاء وتحقق وعده الصدق وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا أي تستقصرون مدة لبثكم في القبور والمضاجع لذهولكم عن ذلك الزمان. أو في الحياة الأولى، لاستقصاركم إياها، بالنسبة إلى الحياة الآخرة.