للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم قال: إيّاكم والغلوّ في الدين. فإنما هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدين.

وعن عمر «١» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله. أخرجاه.

ولمسلم «٢» عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلك المتنطّعون! قالها ثلاثا

. ثم نهاهم تعالى عن اتباع سلفهم وأئمتهم الضالين بقوله سبحانه:

وَلا تَتَّبِعُوا قال المهايميّ: أي: تقليدا أَهْواءَ قَوْمٍ تمسّكوا بخوارقهما على إلهيتهما. فإن نظروا إلى سبقهم فغايتهم أنهم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَإلى كثرة أتباعهم فغايتهم أنهم أَضَلُّوا كَثِيراً ممن شايعهم على التثليث وَإلى تمسّكهم بمتشابهات الإنجيل، فغايتهم أنهم ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ إذ لم يردّوها إلى المحكمات.

[تنبيهات:]

الأول: قال الرازي:

الهواء- هاهنا- المذاهب التي تدعو إليها الشهوة دون الحجّة. قال الشعبيّ:

ما ذكر الله لفظ الهوى في القرآن إلّا ذمّه. قال: وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ص: ٢٦] . وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى [طه: ١٦] . وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [النجم: ٣] . أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [الفرقان: ٤٣] . قال أبو عبيدة: لم نجد الهوى يوضع إلّا في موضع الشر. لا يقال: فلان يهوى الخير. إنما يقال: يريد الخير ويحبه. وقال بعضهم: الهوى إله يعبد من دون الله. وقيل: سمّي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار. وأنشد في ذم الهوى:

إنّ الهوى لهو الهوان بعينه ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا

وقال رجل لابن عباس: الحمد لله الذي جعل هواي على هواك، فقال ابن عباس: كل هوى ضلالة.

الثاني: قال الرازي أيضا:


(١) أخرجه البخاريّ عن عمر رضي الله عنه، في: الأنبياء، ٤٨- باب وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ، حديث ١٢١٤.
(٢) أخرجه مسلم في: العلم، حديث ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>