ونحوه، فتنبه لمواطن استعماله، فإنه من مهمات الفصاحة- انتهى-.
ثم أخبر تعالى عما سيتصدون له عند القفول من تلك الغزوة، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٩٤]]
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤)
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ أي سدّا للسبيل عليهم في التخلف قُلْ لا تَعْتَذِرُوا أي لظهور كذبكم، إذ لم يمنعكم فقر ولا مرض، ولا يفيدكم الاعتذار لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ أي لن نصدق قولكم، وقوله تعالى: قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ تعليل لانتفاء التصديق أي أعلمنا بالوحي من أسراركم ونفاقكم وفسادكم ما ينافي التصديق وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ أي من الرجوع عن الكفر، أو الثبات عليه، علما يتعلق به الجزاء ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أي للجزاء بما ظهر منكم من الأعمال ووضع المظهر موضع المضمر، لتشديد الوعيد، وأنه تعالى مطلع على سرهم وعلنهم، لا يفوت عن علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم، فيجازيهم على حسب ذلك.
قال في (النبراس) : المراد بالغيب ما غاب عن العباد، أو ما لم يعلمه العباد، أو ما يكون وبالشهادة ما علمه العباد أو ما كان فَيُنَبِّئُكُمْ أي يخبركم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي في الدنيا. قبل إعلامهم به. وذكره لهم للتوبيخ.
قال أبو السعود: المراد بالتنبئة بذلك، المجازاة به، وإيثارها عليها، لمراعاة ما سبق من قوله تعالى: قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ.. إلخ. فإن المنبأ به الأخبار المتعلقة بأعمالهم.
وللإيذان بأنهم ما كانوا عالمين في الدنيا بحقيقة أعمالهم، وإنما يعلمونها حينئذ.
ثم أخبر تعالى عما سيؤكدون به معاذيرهم من أيمانهم الفاجرة، بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٩٥]]
سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥)
سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ أي فلا توبخوهم ولا