والإحسان الذين لا يغتم فيه بسلبه وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ أي بإخوانهم المجاهدين الذين لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ لم يقتلوا فيلحقوا بهم مِنْ خَلْفِهِمْ متعلق ب (يلحقوا) والمعنى: أنهم بقوا من بعدهم وهم قد تقدموهم. أو لم يلحقوا بهم: لم يدركوا فضلهم ومنزلتهم أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ بدل من (الذين) ، بدل اشتمال مبين أن استبشارهم بحال إخوانهم لا بذواتهم، والمعنى: ويستبشرون بما تبين لهم من حال من تركوا خلفهم من المؤمنين. وهو أنهم يبعثون آمنين يوم القيامة، بشّرهم الله بذلك، فهم مستبشرون به. وفي ذلك حال الشهداء واستبشارهم بمن خلفهم بعث للباقين بعدهم على الجد في الجهاد، والرغبة في نيل منازل الشهداء.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٧١]]
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ أي يسرون بما أنعم الله عليهم، وما تفضل عليهم من زيادة الكرامة، وتوفير أجرهم عليهم.
قال أبو السعود: كرّر لبيان أن الاستبشار المذكور ليس بمجرد عدم الخوف والحزن، بل به وبما يقارنه من نعمة عظيمة، لا يقادر قدرها، وهي ثواب أعمالهم.
ثم قال: والمراد بالمؤمنين: إما الشهداء، والتعبير عنهم بالمؤمنين للإيذان بسمو رتبة الإيمان، وكونه مناطا لما نالوه من السعادة. وإما كافة أهل الإيمان من الشهداء وغيرهم، ذكرت توفية أجورهم على إيمانهم، وعدّت من جملة ما يستبشر به الشهداء بحكم الأخوة في الدين- انتهى-.
وقال ابن القيّم: إن الله تعالى عزّى نبيه وأولياءه عمن قتل منهم في سبيله أحسن تعزية وألطفها وأدعاها إلى الرضا بما قضاه لهم بقوله: وَلا تَحْسَبَنَّ ...
الآيات- فجمع لهم إلى الحياة الدائمة، منزلة القرب منه، وأنهم عنده، وجريان الرزق المستمر عليهم، وفرحهم بما آتاهم من فضله، وهو فوق الرضا، بل هو كمال الرضا، واستباشرهم بإخوانهم الذين باجتماعهم بهم يتم سرورهم ونعيمهم، واستبشارهم بما يجدد لهم كل وقت من نعمته وكرامته، وذكرهم سبحانه في أثناء هذه المحنة بما هو أعظم مننه، ونعمه عليهم، التي قابلوا بها كل محنة تنالهم وبلية تلاشت في جنب هذه المنة والنعمة، ولم يبق لها أثر البتة، وهي منّته عليهم بإرسال رسول من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وينقذهم من