الصادق في كل ما نطق به. قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أي: لم يفوض إليّ أمركم فأمنعكم من التكذيب، وأجبركم على التصديق. إنما أنا منذر، وقد بلغت.
وبعضهم أرجع الضمير في (به) للعذاب. أي: كذب بالعذاب الموعود، قومك المعاندون، وهو الواقع لا محالة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٧]]
لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)
لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ أي: لكل خبر عظيم وقت استقرار، لصدقه أو كذبه، وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أي: مستقر هذا النبأ ومآله، وأن العاقبة له، كما قال تعالى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٨]]
وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)
وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ أي: بالطعن والاستهزاء، فِي آياتِنا أي:
المنسوبة إلى مقام عظمتنا، التي حقها أن تعظم بما يناسب عظمتنا. والموصول كناية عن مشركي مكة، فقد كان ديدنهم ذلك، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي فلا تجالسهم، وقم عنهم، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ أي: حتى يأخذوا في كلام آخر، غير ما كانوا فيه من الخوض في آياتنا.
وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ بأن يشغلك فتنسى النهي عن مجالستهم، فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: إن ينسينّك الشيطان، فجلست معهم، فلا تؤاخذ به، لكن إذا ذكرت النهي، فلا تقعد معهم، لأنهم ظالمون بالطعن في الكلام المعجز، عنادا.
وفي الحديث «١» : إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه- رواه الطبرانيّ عن ثوبان مرفوعا
. وإسناده صحيح- وهذه الآية هي المشار إليها في قوله تعالى:
(١) أخرجه ابن ماجة في: الطلاق، ١٦- باب طلاق المكره والناسي، حديث رقم ٢٠٤٥ عن ابن عباس.