لظهوره. أي ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، شركاء في الحقيقة، وإن سموها شركاء لجهلهم، فاقتصر على أحدهما لظهور دلالته على الآخر. ويجوز أن يكون (شركاء) مفعول (يدعون) ومفعول (يتبع) محذوف، لانفهامه، من قوله إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي ما يتبعون يقينا، إنما يتبعون ظنهم الباطل.
والوجه الثاني: أنها استفهامية، منصوبة ب (يتبع) و (شركاء) مفعول (يدعون) أي: أيّ شيء يتبع هؤلاء؟ أي: إذا كان الكل تحت قهره وملكته فما يتبعون من دون الله ليس بشيء، ولا تأثير له ولا قوة، إن يتبعون إلا ما يتوهمونه في ظنهم، ويتخيلونه في خيالهم، وما هم إلّا يقدّرون وجود شيء لا وجود له في الحقيقة.
ثم نبه تعالى على انفراده بالقدرة الكاملة، والنعمة الشاملة، ليدل على توحده سبحانه باستحقاق العبادة، بقوله:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ أي خلقه لكم لتستقروا فيه من نصبكم وكلالكم وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي مضيئا، تبصرون فيه مطالب أرزاقكم ومكاسبكم.
قيل: الآية من باب الاحتباك. والتقدير: جعل الليل مظلما لتسكنوا فيه، والنهار مبصرا لتتحركوا لمصالحكم، فحذف من كل من الجانبين ما ذكر في الآخر، اكتفاء بالمذكور عن المتروك، وإسناد الإبصار إلى النهار مجازيّ، كقوله: ما ليل المحب بنائم. إِنَّ فِي ذلِكَ أي لجعل المذكور لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ أي هذه الآيات ونظائرها سماع تدبر واعتبار.