قال القاشاني: وذلك الدعاء هو صورة افتقار القلب الواجب عليه أبدا.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٣٤]]
فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)
فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ أي أجاب له دعاءه فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ أي أيده بالتأييد القدسي، فصرفه إلى جناب القدس، ودفع عنه، بذلك، كيدهن إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ أي لدعاء المتضرعين إليه، الْعَلِيمُ أي بما يصلحهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٣٥]]
ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)
ثُمَّ بَدا لَهُمْ أي ظهر للعزيز وأهله، مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ أي الشواهد على براءته، لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ أي إلى مدة يرون رأيهم فيها.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٣٦]]
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ
روي أنهما غلامان كانا لفرعون مصر، أحدهما رئيس سقاته والآخر رئيس طعامه، غضب عليهما فحبسهما، فكانا مع يوسف. ثم رآهما يوما وهما مهمومان فسألهما عن شأنهما، فذكرا له أنهما رأيا رؤيا غمتهما، وليس لهما من يعبرها. فقال لهما: أليس التأويل لله؟ قصّا عليّ!
فذلك قوله تعالى:
قالَ أَحَدُهُما وهو صاحب شرابه: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً أي عنبا، تسمية للعنب بما يؤول إليه، أو الخمر بلغة عمان اسم للعنب، وذلك أنه قال: رأيت في المنام كأنّ بين يديّ وعاء فيه ثلاثة قضبان عنب، ثم نضجت عناقيدها وصارت عنبا، وكانت كأس فرعون في يدي، فأخذت العنب، وعصرته في الكأس، وناولتها لفرعون.
وَقالَ الْآخَرُ وهو صاحب طعامه: إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وذلك أنه قال له: رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال حوّاري، والطير تأكل من السلة العليا فوق رأسي.