للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لفظي بالقرآن مخلوق) لأنه لا يتميز. كما منعوا عن قول (لفظي بالقرآن غير مخلوق) فإن لفظ العبد في غير التلاوة مخلوق وفي التلاوة مسكوت عنه. كيلا يؤدي الكلام في ذلك إلى القول بخلق القرآن. وما أمر السلف بالسكوت عنه، يجب السكوت عنه. والله الموفق والمعين.

[تنبيه:]

قال في (العناية) : القراءة المشهورة في الآية رفع الجلالة الشريفة. وقرئ بنصبها في الشواذ. انتهى.

قال الحافظ ابن كثير: روى الحافظ أبو بكر بن مردويه أن رجلا جاء إلى أبي بكر بن عياش فقال: سمعت رجلا يقرأ: وكلم الله موسى تكليما. فقال أبو بكر: ما قرأ هذا إلا كافر. قرأت على الأعمش، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثّاب، وقرأ يحيى ابن وثّاب على أبي عبد الرحمن السلميّ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلميّ على عليّ بن أبي طالب، وقرأ عليّ بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكلّم الله موسى تكليما.

وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عيّاش، رحمه الله، على من قرأ كذلك، لأنه حرّف لفظ القرآن ومعناه. وكأن هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن الله كلم موسى عليه السلام، أو يكلم أحدا من خلقه. كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ: وكلم الله موسى تكليما. فقال له: يا ابن الخنا! كيف تصنع بقوله تعالى: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف: ١٤٣] يعني أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٦٥]]

رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٦٥)

رُسُلًا أي: كل هؤلاء النبيين أرسلناهم رسلا مُبَشِّرِينَ بالجنة لمن آمن وَمُنْذِرِينَ من النار لمن كفر لِئَلَّا لكيلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ يوم القيامة أي: معذرة يعتذرون بها قائلين: لولا أرسلت إلينا رسولا فيبيّن لنا شرائعك، ويعلمنا ما لم نكن نعلم من أحكامك، لقصور القوّة البشرية عن إدراك جزئيات المصالح، وعجز أكثر الناس عن إدراك كلياتها. كما في قوله عز وجل: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ ...

<<  <  ج: ص:  >  >>