أي أنها إحدى هذه السيارات. وهي مثلها في المادة وكيفية الخلق وكونها تسير حول الشمس وتستمد النور والحرارة منها. وكونها مسكونة بحيوانات كالكواكب الأخرى. وكونها كروية الشكل. فالسيارات أو السماوات هي متماثلة من جميع الوجوه، كلها مخلوقة من مادة واحدة، وهي مادة الشمس. وعلى طريقة واحدة.
كلامه.
وقد يرجح الوجه الأول في تفسير الآية لقوله تعالى بعده وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فإن ذلك مما يبين أن لسابقه تعلقا بالماء. وعلى هذا فالرؤية في قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَ بصرية. وعلى قول أبي مسلم وما بعده، علمية. على حد قوله تعالى لنبيّه صلوات الله عليه أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ [الفيل:
١] ، مع أنه لم يشاهد الحادثة، بل ولد بعدها. وإنما تيقنها بالأخبار الصادقة.
وكذلك ما هنا من الفتق والرتق، بمعنييه الأخيرين، مما أخبر به الحق تعالى على لسان من قامت الحجة على صدقه وعصمته. فكان مما يسهل عليهم تصديقه فعلمه.
ومعنى قوله تعالى وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ صيّرنا كل شيء حيّ بسبب من الماء، لا يحيا دونه. فيدخل فيه النبات والشجر. لأنه من الماء صار ناميا. وصار فيه الرطوبة والخضرة والنّور والثمر. وإسناده الحياة إلى ظهور النبات معروف في آيات شتى. كقوله تعالى وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها [الروم: ١٩] ، وخص بعضهم الشيء بالحيوان، لآية وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ [النور: ٤٥] ، ولا ضرورة إليه.
بل العموم أدل على القدرة، وأعظم في العبرة، وأبلغ في الخطاب، وألطف في المعنى.
وقوله تعالى: أَفَلا يُؤْمِنُونَ إنكار لعدم إيمانهم بالله تعالى وحده، مع ظهور ما يوجبه حتما من الآيات الظاهرة.
وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أي جبالا ثوابت أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ أي لئلا تتحرك وتضطرب بهم. فلولا الجبال لكانت الأرض دائمة الاضطراب مما في جوفها من المواد الدائمة الجيشان.