الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
أي في الدنيا، وتبشرون بنيل المثوبة الحسنى فيه. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٧]
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٦) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ أي اذكره. أو ظرف ل لا يَحْزُنُهُمُ أو ل تَتَلَقَّاهُمُ.
والطيّ ضد النشر. وقوله: كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ أي كما يطوى السجل وهو الكتاب. واللام في (للكتب) لام التبيين. ولذلك قرئ (الكتاب) بالإفراد. أو بمعنى (من) وفيه قرب من الأول، أو (الكتب) بمعنى المكتوب. أي كطي الصحيفة على مكتوبها. فاللام بمعنى (على) وهو ما اختاره ابن جرير.
[تنبيه:]
ما نقل عن ابن عباس أن السجل اسم رجل كان يكتب للنبيّ صلوات الله عليه، كما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، فأثر منكر لا يصح.
قال ابن كثير: وقد صرح بوضعه جماعة من الحفاظ، وإن كان في سنن أبي داود. منهم شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي.
وكذلك تقدم في رده الإمام ابن جرير وقال: لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل. وكتّاب النبيّ صلوات الله عليه، معروفون، وليس فيهم أحد اسمه السجل.
وصدق رحمه الله في ذلك. وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث.
وأما من ذكره في أسماء الصحابة، فإنما اعتمد على هذا الحديث. والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة. انتهى.
وهذه الآية كآية وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: ٦٧] ، وطي السماء كناية عن انكدار نجومها، ومحو رسومها، بفساد تركيبها واختلال نظامها.
فلا يبقى أمر ما فيها من الكواكب على ما نراه اليوم. فيخرب العالم بأسره كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ أي منجزين إياه. ثم أشار إلى تحقيق