وانشراح الصدر بنور الإيمان، وكفارة السيئات وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وهو الجنة وما فيها من النعيم المقيم. وتخصيص وصف الحسن بثواب الآخرة للإيذان بفضله ومزيته، وأنه المعتدّ به عنده تعالى، بخلاف الدنيا لقلتها وامتزاجها بالمضار، وكونها منقطعة زائلة وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ إشارة إلى أن ما حكى عنهم من الأفعال والأقوال من باب الإحسان.
قال الرازيّ: فيه دقيقة لطيفة، وهي أن هؤلاء لما اعترفوا بكونهم مسيئين حيث قالوا: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ... الآية- سماهم الله محسنين كأن الله تعالى يقول لهم: إذا اعترفت بإساءتك وعجزك فأنا أصفك بالإحسان وأجعلك حبيبا لنفسي حتى تعلم أنه لا سبيل للعبد إلى الوصول إلى حضرة الله إلا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز.
ثم حذرهم سبحانه، إثر ترغيبهم في الاقتداء بأنصار الأنبياء المفضي لسعادة الدارين، من طاعة عدوهم. وأخبر أنه إن أطاعوهم خسروا الدنيا والآخرة. وفي ذلك تعريض بالمنافقين الذي أطاعوا المشركين لما انتصروا وظفروا يوم أحد، بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٤٩]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ أي إلى الشرك. والارتداد على العقب علم في انتكاس الأمر، ومثل في الحور بعد الكور فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ لدين الإسلام ولمحبة الله ورضوانه وثوابه الدنيويّ والأخرويّ.
فلا تعتقدوا أنهم يوالونكم كما توالونهم. قال بعض المفسرين: ثمرة الآية الدلالة على أن على المؤمنين أن لا ينزلوا على حكم الكفار ولا يطيعوهم ولا يقبلوا مشورتهم خشية أن يستنزلوهم عن دينهم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ١٥٠]]
بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ فأطيعوه وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ينصركم خيرا من نصرهم لو نصروكم، وكيف لا يكون خير الناصرين وهو ينصركم بغير قتال، كما وعد بقوله: