وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي لا تتصرفوا في ماله إلا بالطريقة التي هي أحسن، وهي حفظه عليه وتثميره وإصلاحه. وقوله تعالى: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ غاية جواز التصرف على الوجه الحسن: أي حتى يبلغ وقت اشتداده في العقل وتدبير ماله وصلاح حاله في دينه وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ أي العقد الذي تعاقدون به الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام، وفيما بينكم أيضا. والبيوع والأشربة والإجارات ونحوها إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي مطلوبا. يطلب من المعاهد الثبات عليه، وعدم إضاعته أو: صاحبه مسؤول عن نقضه إياه. والمعنى: لا تنقضوا العهود الجائزة بينكم وبين من عاهدتموهم، فتخفروها وتغدروا بمن أعطيتموه إياها.
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ أي أتموه إذا كلتم لغيركم ولا تبخسوه وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ أي بالميزان السوي بلا اعوجاج ولا خديعة ذلِكَ خَيْرٌ أي لكم في معاشكم لانتظام أموركم بالعدل، وإيفاء الحقوق أربابها وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي عاقبة ومآلا إذ ليس معه مظلمة يطالب بها يوم القيامة. ثم أمر تعالى برعاية القسطاس المعنويّ.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أي لا تتبعه في قول أو فعل، تسنده إلى سمع أو بصر أو عقل. من (قفا أثره) إذا تبعه.
قال الزمخشري: والمراد النهي عن أن يقول الرجل ما لا يعلم، وأن يعمل بما لا يعلم. ويدخل فيه النهي عن التقليد دخولا ظاهرا، لأنه اتباع لما لا يعلم صحته من فساده، انتهى.
ولا يخفى ما يندرج تحت هذه الآية من أنواع كثيرة. كمذاهب الجاهلية في الإلهيات والتحريم والتحليل. وكشهادة الزور والقذف ورمي المحصنات الغافلات والكذب وما شاكلها إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا أي كان