وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ أي: الفرد الكامل الحقيق بأن يسمى كتابا على الإطلاق. لحيازته جميع الأوصاف الكمالية لجنس الكتاب السماويّ، وتفوّقه على بقية أفراده، وهو القرآن الكريم. فاللام للعهد. أفاده أبو السعود.
بِالْحَقِّ أي الصدق الذي لا ريب فيه أنه من عند الله مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ بيان ل (ما) . و (اللام) للجنس. يعني: أنه يصدّق جميع الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه من قبله. وإنما قيل (لما قبل الشيء) : هو بين يديه، لأن ما تأخر عنه يكون وراءه وخلفه. فما تقدم عليه يكون قدامه وبين يديه وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ أي: مؤتمنا عليه وشهيدا وحاكما على ما قبله من الكتب.
قال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله، فما وافقه منا فهو حقّ، وما خالفه منها فهو باطل.
فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أي: بين أهل الكتاب إذا ترافعوا إليك بِما أَنْزَلَ اللَّهُ أي:
بما بيّن الله لك في القرآن.
قال في (الإكليل) : هذا ناسخ للحكم بكل شرع سابق. ففيه أنّ أهل الذمة إذا ترافعوا إلينا يحكم بينهم بأحكام الإسلام. لا بمعتقدهم. ومن صور ذلك عدم ضمان الخمر ونحوه. انتهى.
وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ نهى أن يحكم بما حرفوه أو بدّلوه.
اعتمادا على قولهم. ضمّن وَلا تَتَّبِعْ معنى (ولا تنحرف) فلذا عدي ب (عن) فكأنه قيل: ولا تنحرف عما جاءك من الحق متبعا أهواءهم. أو التقدير: عادلا عمّا جاءك. لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً أي: شريعة موصلة إلى الله وَمِنْهاجاً أي: